إختيار المحررالعرض في الرئيسةتحليلات
صحيفة عربية تكشف دلالات زيارة هادي لمأرب وتؤكد على ان صوت المعارك في اليمن سيعلو على صوت المحادثات
يمنات – صنعاء
في زيارةٍ هي الأولى منذ تولي الرئيس عبد ربه منصور هادي منصب الرئاسة، والأولى أيضاً إلى المحافظات الشمالية منذ فراره من صنعاء إلى عدن، وصل هادي إلى محافظة مأرب برفقة نائبه، اللواء علي محسن الأحمر، من الرياض، مقر إقامتهما، مع قادة عسكريين موالين لهما.
وعلى مسافة أيام قليلة من الموعد المحدد لاستئناف المحادثات في الكويت، أكد هادي من مأرب، التي تمثّل مقرّاً للجيش الموالي له، اقتراب «معركة صنعاء»، قائلاً: «نقف اليوم هنا في مأرب عاصمة إقليم سبأ، وأؤكد لكم أننا كما احتفلنا نهاية شهر رمضان بالذكرى الأولى لتحرير عدن سنحتفل قريباً في صنعاء».
هذا التصريح تزامن مع هجمات تشنّها قواته والمجموعات المسلحة على العاصمة من الشرق عبر منطقة فرضة نهم، نجح الجيش و«اللجان الشعبية» في إحباطها وردّهم إلى مواقع خلفية في نهم وصرواح، التي تبعد 30 كلم عن مأرب المدينة.
زيارة هادي، الذي وصل مع فريقه إلى المدينة على متن أربع مروحيات تابعة للتحالف السعودي، تنطوي على دلالات عدة يمكن سردها كالتالي:
أولاً، أعقبت الزيارة التراجع الذي لحق بالقوات الموالية له وبالمجموعات المسلحة التابعة لحزب «الإصلاح» في مناطق نهم شرقي صنعاء، وبعض مناطق مأرب، ما يعطي دفعاً إعلامياً ومعنوياً كبيراً للقوات اليمنية الموالية للتحالف السعودي هناك.
ثانياً، برغم أن إعلان اقتراب «معركة صنعاء» ليس جديداً، وتكرر عشرات المرات منذ بدء الحرب، فإنها المرة الأولى التي يصدر فيها عن هادي، ومن مناطق قريبة من العاصمة، ما له رمزية كبيرة، جلّها موجّه إلى المحادثات أكثر من الميدان نفسه.
ثالثاً، تُعلن الرياض، راعية «معركة صنعاء»، عبر هذه الزيارة، انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنته الأمم المتحدة قبيل انطلاق المفاوضات في نيسان الماضي، وذلك في رسالة سعودية إلى المجتمع الدولي.
رابعاً، أوحت الزيارة بنية «التحالف» نفي «التهمة» التي تلاحقه برغبته في الوصول إلى صيغة فدرالية من إقليمين في اليمن، أو تقسيمه إلى شمالٍ وجنوب، والتأكيد على التمسك بصيغة «اليمن الاتحادي» التي نصّت عليها مخرجات الحوار الوطني (2013)، وفقاً لكلام هادي عن «إقليم سبأ» الذي يضم مأرب. وفي هذا المجال أضاف هادي: «لن نتراجع عن أحلام اليمنيين في يمن اتحادي تسوده العدالة والمواطنة».
خامساً، لا شكّ أن الزيارة تحمل في طيّاتها رسالةً سعودية إلى الإمارات، عبر إعطائها دفعاً لمقاتلي حزب «الإصلاح» (الإخوان)، وتجديد الغطاء لهم، في وقتٍ لا تزال فيه الإمارات، التي تصبّ اهتمامها العسكري والسياسي على المحافظات الجنوبية، ترفض دعم معارك «التحالف» في الشمال، ولا سيما في تعز ومأرب وشرق صنعاء، سببب تصدّر «الإصلاح» لها.
سادساً، أعاد هادي كلاماً قاله مراراً في السابق، يتسم بنبرة فئوية تُذكّر ببدايات الحرب وهو الكلام الذي سبقه إليه قبل أيام رئيس الحكومة الموالية له، أحمد بن دغر. فجدد من مأرب تأكيده «رفع العلم اليمني فوق جبال مران في محافظة صعدة»، مضيفاً: «لن نسمح للحوثي بالتطاول على عشرين مليون يمني وتحويل اليمن إلى دولة تابعة لإيران»، كما قال إن اليمنيين «لن يقبلوا أن تكون اليمن دولة فارسية».
الأهم في هذه الزيارة، أنها وضعت النقاط على الحروف في تقديم الشأن العسكري على السياسي في المرحلة الراهنة، عبر القول إن صوت المعارك سيعلو على صوت المحادثات، وهو ما يؤجّل من جديد إمكانية التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب ويحلّ الأزمة.
وأعلن هادي صراحةً، يوم أمس الاحد، أنه وفريقه ينظرون إلى المحادثات كمنصّة يحاول الطرف الآخر من خلالها «شرعنة الانقلاب، لا تحقيق السلام»، الذي يبدو في الوقت الراهن أبعد من أي وقت مضى.
وكانت المواجهات العسكرية قد احتدمت في مناطق مأرب ونهم، حيث استخدم الجيش و«اللجان الشعبية» صواريخ باليستية آخرها مساء السبت على صرواح، فيما واصل «التحالف» إرسال تعزيزات في الأيام الأخيرة إلى مأرب، بعدما ازداد الحديث عن الإعداد لشنّ هجوم واسع النطاق لاستعادة صنعاء ومحيطها.
المصدر: صحيفة «الأخبار»